الانتخابات في نقابة المحامين في بيروت : بين التحالفات الواقعية وتحديات المبادئ.

الانتخابات في نقابة المحامين في بيروت : بين التحالفات الواقعية وتحديات المبادئ.
في كل دورة انتخابية نقابية، تتجدد الأسئلة حول طبيعة التحالفات التي تتشكل ، ومدى انسجامها مع المبادئ الفكرية والمهنية التي يُفترض أن تقوم عليها النقابات. فالعمل النقابي، في جوهره، يُفترض أن يكون مستقلًا، يعكس تطلعات المنتسبين إليه، ويعبّر عن مصالحهم بعيدًا عن الاصطفافات السياسية. ومع ذلك، فإن الواقع غالبًا ما يفرض معادلات مختلفة.
ان التحالفات التي تُبنى خلال الانتخابات مؤخرًا في نقابة المحامين في بيروت لا تأتي دائمًا نتيجة تقارب فكري أو مهني، بل كثيرًا ما تكون نتاج حسابات انتخابية بحتة. أطراف مختلفة قد تتقاطع ضمن لائحة واحدة، لا لأنهم يتشاركون الرؤية، بل لأنهم يتشاركون الهدف: الفوز. هذا النوع من التحالفات يثير تساؤلات حول مدى التزام الأطراف بمبادئهم، وحول قدرة هذه اللوائح على تمثيل الجسم النقابي بشكل حقيقي.
بالرغم أن نقابة المحامين في بيروت تُفترض أن تكون مستقلة، إلا أن الانتخابات فيها كثيرًا ما تعكس المزاج السياسي العام. التحالفات التي تتشكل داخلها قد تكون امتدادًا لتحالفات من خارج النقابة، أو محاولة لإعادة إنتاج توازنات سياسية ضمن الإطار المهني. وهذا ما يجعل من الانتخابات في النقابة مساحة تتداخل فيها الاعتبارات المهنية مع الحسابات السياسية، أحيانًا على حساب المبادئ.
ان الناخب المحامي النقابي يجد نفسه أمام خيارات لا تعكس دائمًا قناعاته الفكرية أو المهنية، بل تُفرض عليه ضمن لوائح هجينة. هذا التناقض بين الخطاب والممارسة يضعف الثقة بالعمل النقابي، ويجعل من الانتخابات مناسبة لتكريس الانقسام بدلًا من تعزيز الوحدة المهنية. ومع ذلك، تبقى هناك محاولات فردية وجماعية للحفاظ على نقاء العمل النقابي، بعيدًا عن التوظيف السياسي.
نحن نرى ان الطريق نحو نقابة مستقلة يبدأ من إعادة الاعتبار للفكر المهني، ومن رفض التحالفات التي لا تنسجم مع روح العمل النقابي. فالمهنة، في جوهرها، تقوم على الدفاع عن الحقوق، لا على التنازلات. والانتخابات، مهما كانت معقدة، تبقى فرصة لإعادة طرح السؤال الأساسي: من يمثل النقابة؟ ومن يدافع عن مصالحها؟
المحامي كميل حبيب معلوف
بيروت في ٢٠٢٥/١٠/٩