مارون ناصيف
كخبرٍ عادي تعاطى الكثيرون مع ما وزعته معراب في الحادي عشر من شباط الجاري، عن لقاء جمع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بوفد قيادي من حزب الهنشاك الأرمني يضم أمين السر ساهاك غريبيان ومسؤول الإنتخابات فانيك داكسيان وعضو مجلس بلدية بيروت آرام ماليان. أما بالنسبة الى العارفين بتفاصيل وكواليس وحسابات الإنتخابات النيابية المقبلة، فالخبر لم يكن عادياً وله مدلولاته وحساباته وأرقامه التي يسعى جعجع الى تقريشها أصواتاً في صناديق إقتراع دائرة بيروت الأولى. ولهذا السبب حضر اللقاء المذكور في معراب مرشح القوات في الدائرة عن مقعد الروم الأرثوذوكس الوزير السابق غسان حاصباني إضافة الى الوزير السابق ريشار قيومجيان ومسؤولين قواتيين آخرين أبرزهم منسق بيروت سعيد حديفة.
في إنتخابات عام 2028، وبإيعاز من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، تحالف حزب الهنشاك الذي يرأسه النائب السابق في كتلة المستقبل سيبوه قالباكيان مع لائحة التيار الوطني الحر والطاشناق والراحل مسعود الأشقر. يومها خسر قالباكيان بعد حصوله على 1566 صوتاً تفضيلياً، توزعت طائفياً على الشكل التالي:
842 سنياً أمّنهم له تيار المستقبل
602 من الأرمن (536 أرمن أرثوذوكس و66 أرمن كاثوليك)
و122 صوتاً من مختلف الطوائف.
وإذا إنطلقنا من أن تيار المستقبل علّق عمله السياسي ومن فرضية أنه لن يتدخل في الإنتخابات النيابية المقبلة ولن يطلب من الهنشاك التحالف مع التيار الوطني الحر أو أي فريق آخر كما كان يحصل سابقاً، وحسمنا أصواته الـ842 من مجموع أصوات مرشح الهنشاك (1566 صوتاً) أي قالباكيان، يبقى مع الأخير 602 + 122= 724 صوتاً تفضيلياً.
هذه الأصوات الـ724 يمكن للهنشاك مفاوضة أي فريق سياسي عليها للتحالف معه، ومن هذا المنطلق جاء إجتماع معراب مع جعجع.
ففي لغة الحسابات الإنتخابية، تعني أصوات الهنشاك الكثير الكثير بالنسبة الى القوات وهي في نهاية المطاف صيد إنتخابي ثمين في دائرة حاصلها الإنتخابي كان في العام 2018 5287 صوتاً، لماذا؟ لأن أصوات الهنشاك هذه ستتحول من 724 صوتاً الى 1448 كيف؟
بمجرد إنتقالها من لائحة خصم القوات أي التيار الوطني الحر لصالح لائحة القوات، فهذا يعني أن لائحة التيار ستخسر 724 صوتاً وبالتالي سيتراجع مجموع أصواتها 724 صوتاً الى الوراء، بينما ستضاف هذه الأصوات الى مجموع لائحة القوات، وإذا إحتسبنا الفارق بين هذا التراجع لدى التيار والزيادة لدى لائحة القوات يتبين أن القوات تكون قد إستفادت بـ1448 صوتاً.
1448 صوتاً في دائرة كبيروت الأولى تساوي نسبة 27.3 % من الحاصل الإنتخابي البالغ 5287 صوتاً أي ما يعادل حوالى ثلث الحاصل وهو رقم كبير جداً. كل ذلك إذا إفترضنا أن رئيس حزب الهنشاك أي قالباكيان، لن يتمكن من الحصول على وعد من الحريري بتجيير أصوات التيار الأزرق (842 صوتاً) في بيروت الأولى لصالحه. عندها تتغير المعادلة كلياً.