“الدكترة”و”العنترة”
أيقظني فجري على “فلفشة” صفحات التواصل الإجتماعي على متن جوّالي،حيث يقع نظري وأصبّ إهتمامي ودائما، على ما يُسكب من عنديات أهل الفكر في أطباق نتاجهم الأدبي، ممّا يشتهيه العقل وتُشبع معانيه نَهَم المعرفة .
وهكذا توقفت أمام عنوان مميز ومبتكر “المتدكترون” وقد حظي بتوقيع أديب متعمّق وشاعر وصحافي متألّق ،الصديق والمربّي الأستاذ “خليل سمعان”، فإذا به ينطق باسم المثقّفين والمفكرّين السامقين والمتواضعين في ٱن، أي باسم الذين يتشبّهون بالسنبلة المليئة والمنحنية، لا كالذين يشبهون السنابل الفارغة والمشرئبّة الأعناق في أجواء المظاهر السطحيّة، والمتشاوفة على شرفات العنجهيّة، وكما لفتني العنوان، فلقد لفتني المضمون الجريء والصادق، والموقّع من قلم أصيل وبمداد عريق،وإني لمتأكّد بأن صاحبه غير ٱبه لما قد يَجلب له ذلك من إمتعاض أو يجرّ عليه من إعتراض، لأنه كتب وهو يغمّس ريشته في حُقّ الخبرة ويستقي موضوعه من ينبوع الصدق ليميّز بين أرباب الألقاب وأصحاب الألقاب، وطبعا لا يطال المستحقين وعن جدارة، والذين تليق بهم الكراسي وتفاخر بهم الألقاب والمراكز والمناصب كما نحن نفاخر ،بل إن سهام هذه الكلمة الحرّة تطال وبوضوح أولئك الذين “يتعنترون” على المسارح ويتبجّحون على المنابر، فيتجلببون بألقاب فخرية لم تذق طعم سهر الليالي ولم تتقطّر على نار هادئة كعصير الدوالي، والذين تصغر بهم الكراسي،ولا تفاخر بل تخجل بهم تلك الألقاب والمناصب والمراكز .
فأين تلك الأسماء الكبيرة!! من “دكترة” هذا الزمن المكدّسة في أسواق النخاسة الإستعراضيّة أو على صفحات المؤلّفات التجاريّة. نعم وعلى سبيل المثال لا الحصر، ونقول هنيئا لمن لم يتدثّر بها، هنيئا:جبران خليل جبران وميخائيل نعيمه ومارون عبود وتوفيق يوسف عواد وأمين الريحاني وإلياس أبو شبكه وإيليا أبو ماضي وخليل مطران وخليل روكز وشحرور الوادي….. أولئك هم أرباب الفكر الحقيقيين وأهل القلم البارزين، والذين انتشرت كتاباتهم على “وسع العالم” فحفروا أسماءهم على صخرة التاريخ ،وسجّلوا أفكارهم على صفحات الخلود.
غانم إسطفان عاصي
حصارات في١٧ -٢-٢٠٢٤
