المثلية في خانة الشذوذ بقلم : الكاتبة والباحثة القانونية دايانا ج. عزيز

03/11/2023
InShot_20231002_221011064

mkالمثلية في خانة الشذوذ
بقلم : الكاتبة والباحثة القانونية دايانا ج. عزيز

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان بالآراء المختلفة حول المثلية الجنسية وأقيمت التظاهرات المؤيدة والمعارضة ، فانشقّ الرأي العام الى جبهتين تتراشقان التهم والمواقف الحادة .
هذا الشرخ برأينا يعزى نظرياً وليس فعلياً الى غياب الخطوة الاولى التي كان من الأجدر ان تتّبعها الجهات المعنية في سبيل تهيئة الرأي العام الا وهي المناصرة the advocacy التي تهدف الى ايصال الصوت والدعم العام لقضية معينة بهدف احداث تغييرٍ في مسارها القانوني او الاجتماعي ، ويكون ذلك من خلال العمل على ادخال مبادئ وقيم معينة بالاضافة الى حملات التوعية لنشر ثقافة جديدة مختلفة عن الثقافات الموروثة التي تربّى عليها المجتمع ، علماً ان بعض الجمعيات تقوم بتدريب الشباب على ادماج ” النوع الاجتماعي ” في المشاريع والبرامج ، التعبير الملطّف الذي يشمل في طيّاته المثلية الجنسية ، فتركّز على ان التنوع امر طبيعي وموجود منذ بداية الكون فقد تتنوّع الأجناس والأعراق والأديان والأقانيم ، بينما التعددية هي الموقف الايجابي للفرد تجاه هذا التنوع ، وبالتالي يتم تدريب العقل على تقبل الاختلاف مهما كان ، كالمثلية الجنسية مثلاً ، تحت مسمّى تنوّع ، بصرف النظر عمّا اذا كان هذا الاختلاف يشكّل حالة مرضية من الممكن علاجها وتفادي مخاطرها الاجتماعية . وهنا نطرح التساؤل الآتي عما اذا كانت الكلاب البشرية ايضاً تصبّ في خانة التنوع او انها مرض نفسي يصيب بعض الأشخاص ؟ هذه الضاهرة بدأت بالانتشار في أوروبا واميركا اذ لوحظ ان اغلب هذه الكلاب البشرية تعاني من الشذوذ وباتت لهم معاهد وأكاديميات خاصة لتدريبهم اضافةً الى المتاجر التي تعرض المنتجات الخاصة بهم كالألبسة والأدوات والألعاب ، اما الأخطر من ذلك هو ان الحكومات الغربية تسعى الى الاعتراف بحقوقهم ككلاب بدل معالجتهم ، فهل من المنطقي ان يتم الترويج للشذوذ الجنسي كما يتم الترويج للكلاب البشرية وغيرها من الأمراض العقلية بحجة الحرية والدفاع عن حقوق الانسان ؟

بدلاً من ان يؤثر الرأي العام على مسار صناعة القرار تولّت الجمعيات والهيئات المحلية والدولية تلك المهمة بقصد توفير الوقت لأن التغيير امر صعب ويحتاج للكثير من الوقت عندما يتصادم الاختلاف او الثقافة الجديدة مع الثقافات والقيم الموروثة والمتجذرة في العقول ، فانتهجت طريقاً أقصر عبر عملية كسب التأييد Lobbying التي احدثت فوضى عامة كادت ان تتحوّل الى معركة دماء .
ولمن لا يعلم فالمناصرة وكسب التأييد تعبيران مختلفان يتّحدان في المعنى بينما تشكّل الفئة المستهدفة معيار التفرقة بينهما . الأمر أوضح الآن ، في المناصرة يتم استهداف الرأي العام دون تفرقة من حيث الجنس او العمر لا بل من الأفضل ان يتم تهيئته منذ الصغر تماشياً مع المبدأ الشائع ” العلم في الصغر كالنقش في الحجر ” . اما في عملية كسب التأييد فيتم استهداف المؤثرين على صنع القرار كالأحزاب وأعضاء البرلمان بحسب فئاتٍ معينة يتم تقسيمها بنتيجة استبيان stakeholder mapping يبيّن مدى تأييد وتأثير كل فئة ، من خلال أساليب قد تختلف عن اساليب الاقناع في عملية المناصرة وهذا فعلياً ما حصل في لبنان في موضوع المثلية الجنسية وأشعل الشارع اللبناني .

برأينا من الصعب جداً اقناع الشعب اللبناني بأفكار وعقائد جديدة تتعارض مع ثقافتهم خاصة ان لبنان بلد غير متحرر دينياً ، ناهيك ، وبعيداً عن الدين ، عن عدم الوضوح والجدل بين الدراسات لتحديد مفهوم المثلية التي تأرجحت بين خلل عقلي وخلل سلوكي . بعد ان كانت المثلية الجنسية مصنفة في سبعينيات القرن الماضي وما قبل كاضطراب عقلي بحسب جمعية الأطباء النفسيين الأميركيين ، عادت وتأرجحت بين حالة طبيعة وحالة مرضية الى أن اعلنت منظمة الصحة العالمية حذف المثلية الجنسية من قائمة الأمراض النفسية عام ١٩٩٩ دون تحليل علمي منطقي برأينا .
اما التطوّر العلمي في هذا الموضوع لم يتوصل سوى الى تغيير التسمية والتصنيف اذ باتت المثلية تُعرَف بال gender dysphoria بعدما كانت تُعرَف بال gender identity disorder وهو التناقض الملحوظ بين الجنس المعبَّر عنه والجنس الذي تم تعيينه عند الولادة .

تم تجريم المثلية الجنسية لقرون عديدة في كافة انحاء العالم اذ كانت العقوبة تصل الى حد الاعدام ، الى ان ازيلت عنها الصفة الجرمية تدريجياً تماشياً مع التوجه العالمي للترويج لهذه الظاهرة ، وصولاً الى وضع قوانين حمائية تؤكّد وتضمن تمتّعهم بحقوقهم . ففي فرنسا تم نزع الصفة الجرمية عن المثلية عام ١٧٩١ الا انها بقيت امراً غير مرغوب فيه يشكّل انحرافاً عن القاعدة الجنسية المغايرة ( norme hétérosexuelle ) وبما انها لم تعد جريمة قائمة بحد ذاتها الا ان المثليين ظلوا نقطة استهداف بموجب قوانين الدعارة ، العرض الجنسي والاعتداء الجنسي على القاصرين . اما في العام ٢٠٠٤ تشدّدت فرنسا في معاقبة كل من يتعرض للمثليين بعبارات علنية تحض على الاهانة والكراهية ، وبعدها عام ٢٠١٣ تم منح المثليين الحق في الزواج وتبنّي الأطفال .
في لبنان تم تجريم المثلية الجنسية من خلال قانون حفظ الصحة العامة من البغاء الصادر عام ١٩٣١ اذ جاء في المادتين ٦٨ و ٦٩ ما يلي :
المادة ٦٨ :
كل صاحبة بيت عمومي او بيت تلاقي او بنسيون مشبوه يقبلون بارتكاب فظيعة اللواط عندهم يعاقبون بالحبس من اسبوع الى ستة اشهر وباقفال محلهم نهائيا .
المادة ٦٩ :
كل شخص يثبت عليه ارتكاب اللواط تجري عليه احكام المادة السابقة واذا كان مريضا يساق الى المستشفى للمعالجة .
اما قانون العقوبات اللبناني فقد جرّم المثلية الجنسية في المادة ٥٣٤ منه الا ان صياغة هذه المادة بحيث ان المشرع لم يحدد ويعرف المقصود بمجامعة ” على خلاف الطبيعة ” أدت الى حصول تناقض قضائي فذهب قضاة ، على خلاف زملائهم ، الى اعتبار الأفعال المثلية خارجة عن دائرة التجريم متوسعين في تفسيرهم ومراعين المبادئ العامة المتماشية مع المعاهدات الدولية والمكرسة في النظام القانون اللبناني . ازاء هذا التناقض لا بد من تدخل فوري للمشرع اللبناني لوضع حد لهذا الجدل الاجتهادي بحيث يتبنى موقفاً واضحاً وحاسماً بشأن تجريم او عدم تجريم المثلية الجنسية .

نحن نرى ان المثلية الجنسية قد تشكّل سلاحاً بيولوجياً لضرب المجتمعات من خلال تسميم العقول والتسامح مع الأمراض النفسية والعقلية بذريعة ممارسة الحريات وحقوق الانسان والمرأة وغيرها من الذرائع ، تماشياً مع التوجه العالمي للترويج لهذه الظاهرة تنفيذاً لأجندات مجهولة ، خاصة وان الأمر ليس محصوراً فقط بالمثلية اذ ان جماعة ال LGBTQIA + تفتح الباب امام هويات جنسية وجندرية أخرى قد يكون من الصعب تقبّلها او حتى تخيّلها .


Latest posts



About us

Leverage agile frameworks to provide a robust synopsis for high level overviews. Iterative approaches to corporate strategy foster collaborative thinking to further the overall value proposition. Organically grow the holistic world view of disruptive innovation via workplace diversity and empowerment.


CONTACT US

CALL US ANYTIME