كتب د. جورج بطرس سعاده
الإنسان والكوارث
… منذ ألتكوين، من بداية العصور ومن جيل الى جيل و البشرية تتعايش مكرهةً مع الطوافانات و الهزَّات الارضية والزلازل.
عانت ألبشرية وتعاني دائماً وأبداً من الحروب و الغزوات والابادات الجماعية والاعتداءات و الاحتلالات وإغتصاب الاراضي وإسترقاق النساء و سبي الحرائر وسقوط القتلى الابرياء والاسرى والجرحى والاخفاء القسري والاعتقال التعسفي والتعذيب في السجون.
تتشارك البشرية عذابات اللاجئين والنازحين والعيش في العراء وتتألَّم لعوائل الشهداء والأرامل و الأيتام وتتكبَّد مصاعب الهجرة والتهجير والدياسبورا.
يُقْلق البشرية هاجس الدمار والخراب من إنخساف و انجراف التربة وتجمُّع الكسبان الرملية والسيول و العواصف و الاعاصير والبراكين، و تصاب ألحكومات والمجتمعات بالهلع من تسونامي الجائحات والاوبئة والطاعون والافيون و تقف عاجزة في مواجهة مخاطر مواسم الجفاف والقحط وإنتشار امراض النبات و الجراد.
أضف الى ذلك ان البشرية ما زالت خاضعة وغارقة في أنظمة وتقاليد ومفاهيم العبودية و السلطة والقهر والظلم والفقر والمجاعة والتفاوت الطبقي واللاعدالة في توزيع الثروات والامية والجهل و فوارق العالم بين الجنوب و الشمال.
هذه الاحمال الثقيلة الناتجة عن الكوارث والويلات والمصائب والمتاعب والاوجاع، جعلت الانسان، هذا الكائن العطَبي الضعيف، المخلوق على صورة وشَبَه خالقه، عاجزاً عن التدخل للتخفيف من فداحة الاحداث، فاقداً للقدرة على التحمُّل والاستيعاب، مبقياً على الصبر و السلوان، مسلّماً و مستسلماً لمشيئة خالق السماوات والارض في ضبط التوازن الدقيق بين ضوء الشمس ودوران الكوكب حفاظاً على فكرة الانسان والحيوان والنبات و الجماد.
الحياة البشرية هي نانو ـ برهةً بالقياس مع لامحدودية الوقت في المدى اللامتناهي، والانسان يعيش مفاعيل اللاعدالة والبؤس والحرمان ومشاعر الخوف والاكتئاب في الارض، يقايض درهم الفرح بقنطار الاحزان في حياته الدنيا، في الفترة العابرة ما بين الولادة والمغادرة على رجاء القيامة والتي غالباً ما يغادرها صامتاً و مظلوما و متروكاً و مشبوقاً، راجياً عدالة السماء التي رُفِعت بدون أعمدة على وطأة صوت صارخ : “لا تخافوا ، أنا معكم”.
د. جورج بطرس سعاده